أخبار دولية

أزواد.. تحت لهيب الاحتلال المالي المدجّج بالسلاح الروسي

محمد عبد الرحمن ولد عبد الله
كاتب صحفي – نواكشوط

في أقصى شمال مالي، حيث الصحراء تمتد بامتداد الألم، يعيش الشعب الأزوادي فصولاً متكرّرة من المعاناة تحت وطأة الاحتلال المالي الذي يزداد قسوةً، مدعومًا اليوم بأسلحة روسية وتركية حولت مدن أزواد إلى ساحات اختبارٍ لصفقات الموت.

● أرضٌ منهكة… وشعبٌ محاصر

من تمبكتو إلى كيدال، ومن ميناكا إلى غاو، لا يكاد صوت الحياة يُسمع إلا من أنين الأمهات، وصراخ الأطفال الذين فقدوا مدارسهم وأمنهم. قرى بأكملها أُحرقت، ومخيمات نزوحٍ امتلأت بأهل الصحراء الذين وجدوا أنفسهم بين خيارين أحلاهما مرّ: البقاء في مواجهة القصف، أو الرحيل نحو المجهول.
الطائرات المسيّرة، التي تُدار بأيدٍ أجنبية، لم تفرّق بين مقاتلٍ ومدني، ولا بين مسجدٍ وسوق. كل شيء بات هدفًا مشروعًا لآلة الحرب التي تُبررها حكومة باماكو باسم “السيادة”، بينما الواقع يُظهر احتلالًا مقنّعًا، تسنده قوى دولية تبحث عن موطئ قدمٍ في الصحراء الغنية بالذهب واليورانيوم.

● الأسلحة الروسية والتركية… أدوات صراعٍ على حساب الإنسان

الدعم الروسي عبر مجموعة “فاغنر” لم يعد سرًّا، كما لم تعد الطائرات التركية المسيّرة “بيرقدار” حكرًا على الحروب البعيدة. كلا السلاحين أصبحا جزءًا من مأساةٍ أزواديةٍ تتغذّى من مصالح الكبار، وتُدفن فيها أحلامُ الصغار.
فالاحتلال المالي اليوم لا يواجه الحركات الأزوادية فحسب، بل يستهدف النسيج الاجتماعي الذي ظلّ قرونًا مثالًا للتعايش والتسامح بين العرب والطوارق والسونغاي.

● صمتٌ دوليٌّ مخزٍ

المؤلم في المشهد ليس فقط ما يحدث، بل ما لا يحدث. المجتمع الدولي صامتٌ وكأنّ أزواد ليست على خريطة الإنسانية. الأمم المتحدة سحبت قواتها دون ضمانات، والاتحاد الإفريقي مشغولٌ ببياناتٍ إنشائية لا تُوقف نزيفًا ولا تُنقذ طفلًا من الجوع أو القصف.
أما الجيران، فبين المتفرّج والخائف، تذوب المواقف في رمال المصالح السياسية، تاركين شعب أزواد يواجه مصيره وحيدًا، مسلّحًا بالصبر والإيمان فقط.

● الوجع الأزوادي… مرآة لخذلان العالم

ليست مأساة أزواد حربًا على الإرهاب كما يُروّج البعض، بل هي حربٌ على الوجود، على هويةٍ وشعبٍ يطالب بحقه في الكرامة والحرية والأمان.
في كل صورةٍ لطفلٍ يحمل جرة ماء في صحراءٍ محروقة، أو امرأةٍ تجلس على أنقاض بيتها، تختصر القصة كلها: وطنٌ منسيّ، وشعبٌ يُعاقَب لأنه تجرّأ على الحلم.

● خاتمة

أزواد اليوم ليست قضية إقليمية، بل جرحٌ إنساني مفتوح. ومهما طال الصمت، سيبقى صدى المعاناة يذكّر العالم بأن في تلك الصحراء شعبًا يستحق الحياة… لا الاحتلال.

زر الذهاب إلى الأعلى