ابن سلمان يكشف سرّ الوهابية: ورقة أمريكية في الحرب الباردة
في خطوة غير مسبوقة من حيث صراحة التصريح وأهمية المعلومات التي يحملها، كشف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست نُشرت لاحقاً عبر الشرق الأوسط، أن سيطرة الوهابية على المملكة وانتشارها في العالم الإسلامي خلال العقود الماضية لم تكن قراراً سعودياً صرفاً، بل جاءت بطلب مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، في سياق الحرب الباردة ومواجهة الاتحاد السوفيتي.
هذا الاعتراف يضع الكثير من النقاط على الحروف، ويكشف جانباً من العلاقة المعقدة بين الدين والسياسة على المستوى الدولي. فالوهابية، التي قُدّمت طويلاً باعتبارها تعبيراً عن “الهوية الدينية” السعودية، ظهرت في هذه الرواية كأداة سياسية وظّفتها واشنطن والرياض معاً، لتقوية نفوذها في المجتمعات الإسلامية ومواجهة المدّ الشيوعي.
التصريح يحمل أهمية استثنائية، لأنه يصدر من الرجل الأقوى اليوم في المملكة، ولأنه يكشف عن مرحلة كاملة من التوظيف الأيديولوجي ضمن صراعات دولية، جرى تسويقها تحت عناوين دينية. كما أنه يفتح الباب أمام إعادة قراءة تاريخ “تديين السياسة” في المنطقة، وما خلّفه ذلك من آثار امتدت من أفغانستان إلى أقاصي إفريقيا وآسيا.
المراقبون يرون أن هذا الاعتراف قد يكون مقدمة لخطاب سعودي جديد، يسعى لفكّ الارتباط مع الموروث الأيديولوجي الوهابي، وإعادة صياغة علاقة الدولة بالدين، في وقت تحاول المملكة تقديم نفسها كقوة إقليمية حديثة تسعى إلى تنويع تحالفاتها ومصادر شرعيتها.
إنها المرة الأولى التي يعترف فيها مسؤول سعودي بهذا الوضوح بأن الوهابية لم تكن فقط خياراً دينياً داخلياً، بل أداة ضمن لعبة الأمم. وهو ما يجعل من هذا التصريح وثيقة سياسية مهمة، وربما بداية لمرحلة جديدة من المكاشفة التاريخية في المنطقة.