الثروة المعدنية الموريتانية..فساد واتفاقيات مجحفة
بقلم: محمدعبدالرحمن عبدالله كاتب صحفي
تُعد موريتانيا من أغنى الدول الإفريقية بالثروات المعدنية، فهي تزخر بالحديد والذهب والنحاس والفوسفات والمعادن النادرة. ومع ذلك، لا يزال المواطن الموريتاني يعيش في فقر مدقع، والبنى التحتية تعاني التهالك، والخدمات الأساسية كالتعليم والصحة في وضع لا يليق بثروات بلد غني تحت الأرض، فقير فوقها.
الخلل هنا لا يعود إلى غياب الثروة، بل إلى سوء إدارتها، وغياب الشفافية، وانتشار الفساد، بالإضافة إلى عقد اتفاقيات استغلال مجحفة وقعت مع شركات أجنبية لا تضع مصلحة البلد في الحسبان.
اتفاقيات على حساب السيادة
في معظم الاتفاقيات الموقعة مع الشركات العالمية الكبرى، نجد أن نسبة العائد للدولة الموريتانية لا تتناسب مطلقًا مع حجم الثروة المستخرجة، ناهيك عن الإعفاءات الضريبية والجمركية التي تمنح بسخاء، ومحدودية فرص العمل المقدمة للمواطنين.
وتكفي الإشارة إلى أن شركات مثل “كينروس تازيازت” و”سنيم” و”آرايس” وغيرها، استحوذت لسنوات على عائدات ضخمة دون أن تنعكس بشكل ملموس على التنمية المحلية، أو على تحسين ظروف العيش في المناطق التي تُستخرج منها تلك المعادن.
فساد يبتلع الثروة
الفساد في قطاع المعادن لا يقتصر على الاتفاقيات، بل يمتد إلى منح الرخص بطرق ملتوية، وتضخيم التكاليف، وتغييب الرقابة البيئية والاجتماعية. كما يُتهم بعض المسؤولين بعقد صفقات تحت الطاولة، مقابل عمولات وصفقات خاصة، تجعل من الثروة الوطنية مصدر إثراء فاحش لقلة، وبؤس دائم لأغلبية.
المواطن خارج الحسابات
في بلد مثل موريتانيا، كان يمكن للثروة المعدنية أن تمثل نقطة انطلاق نحو اقتصاد متنوع ونامٍ، لكنها تحولت بفعل الفساد وسوء التسيير إلى نقمة بدل نعمة. المواطن لا يرى من هذه الثروة سوى الغبار المنبعث من الحفارات، والتهميش الذي يعيشه في ظل غياب التشغيل والتعويضات العادلة.
الحلول الغائبة
ما تحتاجه موريتانيا اليوم هو مراجعة شاملة لاتفاقيات الاستغلال، وضمان وجود شراكة عادلة مع الشركات العاملة في المجال، مع تعزيز الشفافية في منح الرخص، وتفعيل آليات الرقابة والمحاسبة. كما يجب إشراك المجتمع المدني والخبراء المستقلين في مراقبة هذا القطاع الحيوي.
فالثروات لا تصنع التنمية وحدها، بل تُصنع حين تتوافر الإرادة السياسية، والقيادة النزيهة، والحكمة في التسيير.