محمد محمود ول اعلي ول الحاج،”أندحمودي ” ..مسيرة مع العلم والادب والجهاد
مسيرة مع العلم والأدب والجهاد
حين تُذكر أسماء العلماء المجاهدين في موريتانيا، لا يمكن تجاوز اسم العلامة المجاهد محمد محمود ولد اعل ولد الحاج ” أندحمودي “الحاجي، أحد الرجال الذين جمعوا بين العلم الشرعي الرصين، والأدب الرفيع، والجهاد الصادق في سبيل الله . فهو ينتمي إلى جيل حمل على عاتقه مسؤولية التعليم والدعوة،ونفع المجتمع .شارك في مقاومة الاستعمار، وترك آثارًا علمية وأخلاقية وادبية
لا تزال حية في الذاكرة الجمعية.للمجتمع في منطقتي لعصابة وأفله وجنوب تكانت،حيث شكلت هذالمثلث نطاقه الإستراتيجي.
= النشأة والتعليم
ولد محمد محمود ولد اعل ول الحاج الحاجي في بيئة علمية محافظة، ضمن أسرة اشتهرت بالعلم والفضل ،والتضحية،ولإيثار،اسرة عريقة أصلها في أدرار وفرعها في لعصابة (أركيبه ) ينتسب للقائد يحي بن عمر اللمتوني أحد أمراء دولة المرابطين.
تلقى تعليمه الأولي في المحاظر الموريتانية،في بئته الإجتماعية المعروفة بالعلم والتدين.ولد عام 1843 م
في منطقة ” رأس الفيل” التي ظلت مدار معارك كر وفر مع المستعمر وعرف أهلها بقيم التضحية والجهاد.
، غير بعيد من مدينة كيفه . حفظ القرآن الكريم، ودرس علوم النحو، والفقه المالكي، والأصول، والعقيدة، والسيرة النبوية.
تميز منذ صغره بحدة الذكاء، وقوة الحافظة، وولع بالأدب العربي شعرًا ونثرًا.عاش طفولته يتيما ، توفي والده وهو في سن العاشرة من عمره ودرس بداية مراحل تعليمه المحظري وتربي في كنف أخواله أهل سيد الهادي، الرمظانيين الجكنيين المشهورين بالعلم والسيادة والزعامة.
= العلامة المدرّس والمرشد
لم يقتصر دوره على التلقي، بل تحول سريعًا إلى مدرّس محظري لمحاظر متجولة.يقصده الطلبة أين ماحل وأرتحل.
كان يعتمد أسلوبًا تربويًا يجمع بين الصرامة في المنهج، واللين في المعاملة، فكوّن أجيالًا من اهل العلم وطلاب الشريعة.
اشتهر باهتمامه الكبيربمصالح المجتمع وحبه لعلوم اللغة والأدب، وترك شروحًا وتعليقات على نصوص كلاسيكيةأدبية وفقهية، بعضها لا يزال متداولًا شفهيًا في أوساط طلاب المحاظر في الشرق الموريتاني.
=المجاهد المقاوم
مع تمدد الاستعمار الفرنسي في البلاد، لم يكن العلامة محمد محمود” أندحمودي” من أولئك الذين اعتزلوا الواقع.او تعاملوا مع المستعمر.
بل كان من الوجوه البارزة في صفوف المقاومة الوطنية، حيث:
دعا إلى مقاطعة الإدارة الاستعمارية.
حرّض الناس على الصمود الثقافي واللغوي والديني.والجهاد العسكري.
-دعم المقاومين في المناطق المجاورة علميًا وروحيًا.
ولم يكن حضوره مقتصرًا على الإرشاد من بعيد، بل شارك في تحركات ميدانيةوتتسيقات بالغة الأهمية والخطورة، وساهم في التواصل ورفع الجهود بين العلماء والمجاهدين.حضر مؤتمر غزي “لركاب” الذي دعي له الشيخ ماء العينين رؤساء وممثلي القبائل الموريتانية التي انخرطت في الجهاد ضد المستعمر الفرنسي .عقد الإجتماع الكبير في 30 مارس 1906 حضر معه وفد رفيع المستوي من حا ضنته الاجتماعية.برأسة محمد محمود ول سيد المختار الرئيس العام لقبيلة أهل سيدي محمود،انذاك.وقد ذكر الكاتب الكبير المرحوم محمد يحظيه ول ابريد الليل في كتاباته عن مؤتمر” لركاب” الذي دعي له الشيخ ماء العينين في اصمارة بالصحراء الغربية وحضرته وفود تمثل أكثر من خمسين قبيلة موريتانية.. أن وفد اهل سيدي محمود جاء يحمل البنادق والكتب في إشارة قوية أنها قبيلة علم وقبيلة محاربة أيضا.وقد وتم الاتفاق علي توسيع وتقوية جبهة الجهاد كما التزم الشيخ ماء العينين بإرسال السلاح للشرق الموريتاني لدعم واسناد المقاومة الوطنية.وشكلت لجنة للأشراف علي التنسيق والمتابعة ،تضم ممثلين عن ثمان قبائل موريتانية هي: ايدوعيش، اهل سيدي محمود،اولاد الناصر ،تجكانت ، لقلال،مشظوف ايديشلي، اولاد داوود،وكان العلامة محمد محمود ول اعل ول الحاج عضوا فيها ممثلا عن قبيلته.كان لهذا الإجتماع الكبير الدور البارز في تقوية وتنظيم المقاومة المسلحة في أدرار والشرق الموريتاني.وتزويدها بالسلاح.
=الأديب الشاعر
إلى جانب علمه وجهاده، كان محمد محمود ولدالحاج أديبًا فصيح اللسان، وشاعرًا مجيدًا.
كتب في:
المديح النبوي بأسلوب صوفي عميق.
=الذود عن الدين والوطن في وجه التغريب والإستعمار
-الرثاء والحكمة، حيث تتجلى في شعره معاني الزهد، والموت، والتعلق بالدار الآخرة.
> من شعره في الحث على الجهاد ومقاومة المستعمر:
إن لم نقم لله في وجه العدا = فالموت أولى من حياةٍ في ردى
قوموا فقد طال السُرى والليل لا = يُمحى ظلامُه إلا بالفدى
= إرثه وتأثيره
ترك العلامة محمد محمود ول الحاج
إرثا علميا وادبيا زاخرا وغنيا.
منهجًا تربويًا متينًا لا يزال يُحتذى.
ذاكرة نضالية تربط بين العلم والعمل، وبين الخطاب الديني والموقف الوطني.
وقد توارثت الأجيال ذكره بإجلال، خاصة في المناطق التي عرفته معلمًا ومرشدًا ومجاهدًا.
إن سيرة العلامة المجاهد محمد محمود ولد اعل ولد الحاج تقدم نموذجًا متكاملًا للعالم الرباني، الذي لم يفصل بين رسالته الدينية وموقفه الوطني، ولم يكتف بالمعرفة المجردة، بل قرنها بالعطاء والجهاد والكلمة الحرةونفع المجتمع.
وفي زمن يبحث فيه الناس عن قدوات صادقة، تظل سيرته منارة هدى، ومصدر إلهام للأجيال.
.
==شور الطيرش: اسم جواد عربي أصيل خلده “أزوان”
الطيرش هو اسم خاص لجواد عربي أصيل، كان للعلامة المجاهد محمد محمود ولد أعلي ولد الحاج، خلده الفن الموسيقي الموريتاني.
في الثقافة الموريتانية وخاصة في الموروث الحساني، الجواد العربي الأصيل يحظى بمكانة عالية ويمثل رمزًا للشرف والقوة والكرامة.
عندما يُذكر جواد مثل “الطيرش” فهذا يدل على تميزه وصفاته الفريدة التي جعلته مشهورًا بين الخيول وأصحابها.
العلامة المجاهد محمد محمود ولد أعلي ولد الحاج، كونه شخصية معروفة في العلم والجهاد والأدب، فإن ذكر جواده “الطيرش” يحمل دلالة فخر واعتزاز.وقد ضل الطيرش ذات يوم طريق العودة الي مرابع الحي في جنوب تكانت،حيث كان يسرح،فلما لم يعد أرسل العلامة محمد محمود ول اعل ول الحاج عماله المشرفين علي العناية بالخيل وطلب منهم البحث عنه وبعد ساعات من البحث المضني وجدوه أخيرا فجاءوا به الي الحي وهم في قمة الفرح،فكان حينها مع بعض اصدقائه من منطقة تكانت حيث كان يقضي فيها بعض الفترات من السنه،وكان معهم الفنان الكبير سيدي ول دندني فلما جاء العمال ممسكين بالجواد” الطيرش ” وهم في حالة من الفرح والحبور ،ويرددون اغنية ابتدعوها للتو ،تقول الا بعدن الطيرش مر الا بعدن الطيرش مر ،فماكان من الفنان الا ان عزفها وصارت “شور ” من أجمل اشوار الطرب الحساني. يتغني به الفنانون،والفنانات خصوصا أسرة أهل أب منذو ذالك الحين، إلي يومنا هذا. ويغني عادة في مقام اللين من الجانبه البيظة، ومعلوم أن الجانب البيظه هي نصيب فيئة الزوايا من الموسيقي الحسانيةوهذا رأي بعض الفنانين، وأن مقام اللين هو مقام اهل الشوق والمحبة،والتصوف.وقد لاقي شور الطيرش مر قبولا فنيا في كل مكان خصوصا في تكانت ،وكان الامير عبدالرحمن ول سويد أحمد يحبه كثيرا لدرجة أنه سمي بندقيته الخاصه با” الطيرش” وله كاف في نفس الشور ممازحا أحد اصدقائه، عندما فقد بندقيته التي نسيها في مكان ما.من تكانت حيث يقول:
ليلك يلي منك فوجاد@ صركوهاولادفذ لكصر
سيدي الواف هوم وولاد@
يريم سيدي ببكر
فرد.عليه صديقه أج ول أمينوه بكاف يقول :
ليلك يلي منك فزهيد@
لعادالمر فذ لكصر
وكتن مايورفهل اسويد
@يورفطليحة وأهل اعمر
هناك نصوص شعرية حسانية تناولت هذا الجواد وخلّدت اسمه في أبيات تعبر عن قوته، جماله، أو مواقفه في ميدان الجهاد أو السباق
رحم الله، العلامة المجاهد محمد محمود ول اعل
ول الحاج واسكنه اعلي درجات الجنان
محمد عبد الرحمن ول عبدالله
كاتب صحفي