الفقر في موريتانيا الأسباب والتداعيات
لماذا ينتشر الفقر والتخلف في موريتانيا؟
رغم ما تزخر به موريتانيا من ثروات طبيعية وبشرية، لا تزال تعاني من معدلات فقر مرتفعة وتخلّف في مختلف المجالات، كالتعليم، الصحة، البنية التحتية، والاقتصاد. يتساءل الكثيرون: كيف لدولة تملك الذهب والحديد والسمك أن يعيش غالبية سكانها تحت خط الفقر؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب النظر في العوامل المتشابكة التي تغذي الفقر والتخلف في هذا البلد.
1. الفساد وسوء تسيير الموارد
يعد الفساد من أبرز أسباب الفقر في موريتانيا. فعائدات الثروات الطبيعية لا تُوزّع بشكل عادل، بل تُهدر في صفقات مشبوهة أو تُحوّل لفائدة قلة من النخب السياسية والاقتصادية. هذا الفساد يحرم الشعب من الاستفادة من ثرواته ويعيق إقامة مشاريع تنموية مستدامة.
2. التعليم الهش وضعف التأهيل
الجهل هو أحد أبرز وجوه الفقر. النظام التعليمي في موريتانيا يعاني من نقص في التمويل، تدني مستوى المعلمين، بنية تحتية مهترئة، وعدم توافق المناهج مع متطلبات السوق. كل هذا يخلق أجيالاً غير قادرة على المشاركة الفعالة في تنمية الاقتصاد أو الخروج من دائرة الفقر.
3. غياب العدالة الاجتماعية
الفقر في موريتانيا ليس مجرد حالة اقتصادية، بل يرتبط كذلك بالتمييز الاجتماعي والعرقي. مجموعات مثل “الحراطين” وبعض فئات الزنوج الموريتانيين تعاني من التهميش في فرص التعليم، الوظائف، وحقوق التملك. هذا الإقصاء البنيوي يؤدي إلى فقر موروث يصعب تجاوزه
4. الاعتماد على الاقتصاد الريعي
الاقتصاد الموريتاني يعتمد بشكل كبير على تصدير المواد الخام مثل الحديد والذهب والسمك، وهو ما يُصنَّف ضمن الاقتصاد الريعي. هذا النموذج لا يخلق فرص عمل كافية ولا يستفيد منه المواطن العادي. كما يجعله هشًا أمام تقلبات الأسواق العالمية، ما يزيد من الفقر والتخلف.
5. ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية
في العديد من المناطق، خاصة في الداخل، يعاني المواطنون من نقص في الخدمات الأساسية: مياه الشرب، الكهرباء، الطرق، والمراكز الصحية. هذا الضعف يُفاقم من عزلتهم ويحول دون أي تطور اقتصادي أو اجتماعي حقيقي.
6. غياب رؤية استراتيجية شاملة
السياسات المتبعة في البلاد غالبًا ما تكون ارتجالية أو مؤقتة، تفتقر إلى رؤى بعيدة المدى. كما تهيمن الاعتبارات السياسية الضيقة على القرارات الكبرى، ما يحرم البلد من قيادة إصلاحية وطنية تستهدف القضاء على الفقر بشكل جذري.
إن انتشار الفقر والتخلف في موريتانيا ليس نتيجة حتمية، بل نتاج عوامل بشرية وسياسية يمكن تجاوزها. ما يحتاجه البلد هو إصلاح جذري، يبدأ بمكافحة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والاستثمار في الإنسان، خاصة في التعليم والصحة. فموريتانيا تملك الإمكانيات، لكن ما ينقصها هو الإرادة السياسية والرؤية الصادقة
بقلم : محمدعبد الرحمن/ عبدالله
كاتب صحفي