أخبار وطنية

المشاريع الوهمية… بين وعود المنصات وواقع القرى المنسية

محمدعبدالرحمن ول عبدالله

كاتب ، صحفي ، انواكشوط


في كل مرة يطل فيها الرئيس محمد الشيخ الغزواني عبر شاشة التلفزيون، تتناثر الأرقام والمشاريع كما تتناثر الوعود في زمن الانتخابات: كهرباء وصلت، وطرق اكتملت، وتنمية تتسارع.
لكن على الأرض، في القرى النائية والسهول الموحلة، لا شيء من ذلك يُرى إلا الغبار وصرخات السكان المنسيين.

■  وعود الكهرباء… في الظلام

قال الرئيس ذات يوم إن الكهرباء وصلت إلى أغلب القرى، لكن رحلة قصيرة في عمق الولايات الداخلية تكفي لتكشف العكس.
القرى ما زالت تعيش على ضوء القناديل، وأطفالها يدرسون على وهج النار.
أين هي “الكهرباء الريفية” التي ابتلعها المقاولون، وتلاشت في التقارير الرسمية كأنها لم تكن؟

أحد سكان قرية “أشميم” شرق الحوض الشرقي يقول:

“نسمع في التلفزيون أن الكهرباء وصلت إلينا منذ عامين، لكننا لم نرَ عمودًا واحدًا، حتى المولد الصغير الذي وُعدنا به، تآكل في مخازن المفوضية قبل أن يصل.”

■ طريق عدل بكرو… 30 كيلومترًا على الورق فقط

ومن الكهرباء إلى الطرق، حيث قال الرئيس غزواني إن طريق عدل بگرو – النعمة اكتمل منه 30 كيلومترًا، لكن الواقع أكثر مرارة.
فالمسافر على هذا الطريق لا يقطع سوى 10 كيلومترات من الزفت، قبل أن يعود إلى معاناة الرمال والحفر.
العمال غادروا منذ شهور، والمعدات صدئت في العراء، فيما لا يزال المشروع يتصدر نشرات الأخبار كـ”منجز تنموي ناجح”!

أحد المقاولين المحليين صرّح -مفضّلًا عدم ذكر اسمه-:

“المشكلة ليست في التمويل فقط، بل في غياب الرقابة والمساءلة. الطريق يُذكر في الخطب، لكن لا أحد يراقب التنفيذ الفعلي.”

■ نواب المعارضة… بين التدوين والميدان

في ظل هذا التناقض الصارخ بين التصريحات والواقع، ترتفع أصوات المواطنين مطالبة نواب المعارضة بالنزول إلى الميدان بدل الاكتفاء بالتدوين.
الشعب ينتظر منهم أن يستخدموا سياراتهم رباعية الدفع في خدمة الحقيقة، لا في التنقل بين المقاهي والمهرجانات.
فمن واجبهم أن يروا بأعينهم أين تُصرف أموال هذا الشعب، وأن يوثقوا بالكاميرات والوثائق حجم المشاريع الوهمية التي تملأ تقارير الحكومة.

■ كلمة أخيرة

ما بين “الكيلو مترات الوهمية” و”الكهرباء الغائبة”، تتجلى حقيقة موجعة:
البلاد تُدار بالتقارير لا بالإنجاز، وبالصور لا بالأفعال.
ولعلّ أول خطوة في طريق الإصلاح، أن نكفّ عن التصفيق للوعود، وأن نحاسب من يبيعنا التنمية في نشرات الأخبار بينما يتركنا في الظلام والطين.

 

زر الذهاب إلى الأعلى