أخبار وطنية

بين الشعارات البراقة ووالواقع المُر.. لماذا فشلت وزارة الشباب .؟

الإتحاد . خاص

منذ إعادة هيكلة وزارة الشباب في موريتانيا، تحت اسمها الجديد: “وزارة تمكين الشباب والتشغيل والرياضة والخدمة المدنية”، طُرحت آمال كبيرة على هذه الوزارة لتكون حصنًا منيعًا أمام أكبر تحديات البلاد: هجرة الشباب، والبطالة، وتآكل الحلم الوطني.

لكن بعد سنوات من الوعود والخطط والمشاريع، يقف المواطن الموريتاني اليوم أمام سؤالٍ موجع:
هل كانت هذه الوزارة جزءًا من الحل، أم فصلاً جديدًا في فشل الدولة في احتضان شبابها؟

1▪︎ وزارة بصلاحيات متشعبة.. وإنجازات غامضة

الوزارة تحمل في اسمها أربع وظائف كبرى:

▪︎ تمكين الشباب

▪︎ التشغيل

▪︎ الرياضة

▪︎ الخدمة المدنية

لكن بدل أن تكون قوة دافعة، تحولت إلى بيروقراطية مترهلة، مشتتة المهام، غائبة الرؤية. المشاريع متفرقة، التنسيق مع الوزارات الأخرى ضعيف، والمردودية غير قابلة للقياس، والبرامج تنفذ غالبًا بطريقة عشوائية، يغلب عليها الطابع المناسباتي والتسويقي.

2 ▪︎ نزيف الهجرة.. صمت رسمي مخزٍ

في السنوات الأخيرة، تحوّلت موريتانيا إلى نقطة انطلاق رئيسية للهجرة غير النظامية، ليس فقط للقاصرين عبر قوارب الموت، بل أيضًا لعقول شابة تحمل الشهادات واللغات والكفاءات.
السبب؟

▪︎ غياب آفاق حقيقية في سوق العمل

▪︎ انسداد الأمل في إصلاح مؤسسات الدولة

وانعدام الثقة في الخطط الحكومية

ولم تصدر الوزارة المعنية أي تقرير وطني موثوق أو خطة طوارئ بشأن هذه الظاهرة، كما لم تنظم حملة وطنية صادقة لتحفيز البقاء أو لاحتضان الشباب المهاجر في الخارج.

3▪︎ مشاريع “قابليّة التشغيل”.. واجهة تجميلية؟

أُطلق أكثر من برنامج تحت عناوين جذّابة مثل:

▪︎ مشروع قابلية تشغيل الشباب

▪︎ برامج دعم ريادة الأعمال

▪︎ دورات التدريب على المهارات

■ لكن الواقع يكشف:

▪︎ أن أغلب هذه البرامج تم توجيهها إلى شبكات الزبونية

▪︎ وأن الكثير من المناقصات والتوظيفات شهدت خروقات صارخة في الشفافية

▪︎ وأن عدد المستفيدين الفعليين أقل بكثير من ما يُعلن في الإعلام

4▪︎أين الرياضة؟ وأين الخدمة المدنية؟

في الجانب الرياضي، لم تُحقق الوزارة نقلة نوعية:

▪︎ المنشآت الرياضية خارج العاصمة تعاني الإهمال

الدعم المالي للأندية يوزّع وفق الولاءات وليس الأداء

■ غياب سياسة وطنية واضحة لاستثمار المواهب الشابة

أما في الخدمة المدنية، فالملاحظ هو أن القطاع يعيش حالة من الجمود والتسيب، حيث لم تُطلق إصلاحات هيكلية حقيقية لتجديد وتحديث الكادر الإداري للدولة، في بلد يعاني من تضخم في البطالة بين خريجي الجامعات.

5 ▪︎ ما الذي يجب فعله؟

الخطوة الأولى هي مراجعة جذرية لمهام الوزارة وهيكلها، وتحديد أولويات واضحة، مثل:

▪︎ فصل التشغيل عن الرياضة

▪︎ تأسيس وكالة مستقلة لتشغيل الشباب بكفاءات حقيقية

▪︎ فتح ملفات الفساد والزبونية في برامج التمكين السابقة

▪︎ دعم المشاريع الإنتاجية بدل المشاريع التجميلية

▪︎ إشراك الشباب في الرقابة والتخطيط والتمثيل

■ خاتمة:

إن وزارة الشباب في أي بلد ليست مجرد إدارة حكومية، بل هي رئة الوطن التي يتنفس بها مستقبله. وفي موريتانيا، يبدو أن هذه الرئة مصابة بالشلل البيروقراطي، أو الأسوأ: بالإهمال السياسي المتعمد.
فهل تُكتب لها حياة جديدة، أم نواصل دفن أحلام شبابنا في البحر؟

زر الذهاب إلى الأعلى