تدشين بنك الإستثمار: حين يُغلق طريق عام ، لأجل رجل أعمال.!
في مشهد لا يخلو من الغرابة والاستهتار بالمصلحة العامة، شهدت العاصمة نواكشوط صباح اليوم إغلاقًا غير مبرر لأحد الطرق الرئيسية في منطقة حساسة وحيوية، بسبب حفل تدشين المقر الجديد للبنك الموريتاني للاستثمار.
الطريق الذي يربط بين مؤسسات حيوية ويخدم آلاف المواطنين يوميًا، تحوّل فجأة إلى منطقة محظورة، تكدّست فيها السيارات، وتعطلت مصالح الناس، وتأخرت مواعيد العمل والمستشفيات والمدارس، وكل ذلك لأن رجل أعمال أراد أن يحتفل بتدشين بنكه على أنغام البروتوكول والسلطة.
بأي حق؟!
يتساءل المواطنون، وبمرارة:
بأي سلطة يُغلق طريق عام لأجل مناسبة خاصة؟
أليس من المفترض أن تخدم المؤسسات الاقتصادية الوطن والمواطن، لا أن تعرقل حياتهم اليومية؟
ثم ما الجدوى من تدشين بنوك تُغلق الطرق بدل أن تفتح الأمل؟
ما وراء المشهد
المفارقة أن هذا النوع من السلوك لا يمكن أن يتم دون غطاء رسمي أو تساهل إداري، وهو ما يطرح تساؤلات مشروعة حول علاقة المال بالسلطة، وكيف يمكن لرجل أعمال – مهما علا شأنه – أن يفرض إرادته على المجال العام بهذه الطريقة، دون حسيب أو رقيب.
غضب شعبي.. وصمت رسمي
في الوقت الذي عبّر فيه العديد من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن استيائهم من الفوضى التي صاحبت حفل التدشين، لم تصدر أي توضيحات من الجهات الرسمية، لا من إدارة الأمن، ولا من بلدية نواكشوط، ولا حتى من وزارة النقل.
تدشين أو تعدٍّ على الحق العام؟
في بلد يئن تحت وطأة أزمات خدمية، وبُنى تحتية هشة، وازدحام خانق، يبدو إغلاق طريق رئيسي بسبب تدشين مصرفي نوعًا من التعدي السافر على الحق العام.
وإن لم يكن القانون يمنع ذلك صراحة، فإن الذوق العام والمسؤولية الأخلاقية كانا كفيلين بردع من يظن أن الطرق تُفرش له وحده.
خلاصة القول:
ليس من المقبول أن يتحول الوطن إلى مسرح خاص لنزوات رجال الأعمال، ولا أن تُصادر حركة المواطنين لأجل صورة تذكارية أو مقص ذهبي.
نحتاج إلى دولة تحتكم للقانون لا للمحاباة، وتنتصر للمواطن لا للمصرف.