ثقافة

تصعيد إسرائيلي في منطقة المسعودية الأثرية

في الأيام الأخيرة، كثفت دائرة الآثار الإسرائيلية بالتعاون مع خبراء، تحت حماية جيش الاحتلال، اقتحامها لمنطقة المسعودية الأثرية قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية. وتتم هذه الاقتحامات بشكل متكرر، حيث تقضي الفرق ساعات طويلة في الموقع لإجراء مسح ميداني وهندسي.

هذه الاقتحامات ليست الأولى من نوعها، لكنها أثارت قلقًا كبيرًا بين الفلسطينيين، حيث تأتي في سياق قرار الكنيست الإسرائيلي الأخير الذي يمنح سلطة الآثار الإسرائيلية صلاحيات موسعة في الضفة الغربية، ما يُعتبر خطوة نحو ضم الأراضي.

تفاصيل القرار الإسرائيلي

في تقرير نشرته صحيفة “هآرتس”، جاء أن اقتراح القانون الإسرائيلي ينص على أن المناطق المذكورة غارقة في التاريخ اليهودي، وأنه لا يوجد أي علاقة تاريخية للمكتشفات والمواقع الأثرية بالسلطة الفلسطينية. وفقًا للقانون، فإن الوضع السياسي لمناطق الضفة الغربية لا يؤثر على مسؤولية إسرائيل عن الاكتشافات الأثرية. ويهدف مشروع القانون إلى تحديد الصلاحيات والمسؤوليات الإسرائيلية على الآثار في الضفة الغربية.

ووفقًا لصحيفة “هآرتس”، يأتي هذا القرار في ظل خطوات اتخذها المجلس الوزاري السياسي الأمني الإسرائيلي باعتبارها “إجراءات عقابية” ضد السلطة الفلسطينية، والتي تشمل تجريدها من صلاحياتها المتعلقة بالآثار في مناطق “ب”، مما يسمح للإدارة المدنية بتنفيذ القانون في هذه المواقع، بما في ذلك منع أي ترميم أو بناء، بل وحتى هدمها.

تصعيد الاحتلال في المسعودية

سبق قرار الاحتلال الأخير عدد من الإجراءات التي تهدف إلى تهويد منطقة المسعودية، والتي تمتد جذورها إلى عام 1975 عندما أقام المستوطنون أولى بؤرهم الاستيطانية شمال نابلس. ومع استمرار الاحتلال في استهداف المسعودية، منعت قوات الاحتلال ترميم المنطقة وهدمت مرافق خدمية أنشئت لخدمة الزوار الفلسطينيين، وسرقت حجارة من الموقع الأثري.

وأضاف ذياب مسعود، منسق لجنة إعمار المسعودية، أن حارس أمن مستوطنة شافي شمرون القريبة من المسعودية يقوم بدوريات تفتيش يومية في المنطقة وفي بلدة سبسطية الأثرية القريبة.

وضع المنطقة ومخاطر التهديد

تعتبر منطقة المسعودية موقعًا أثريًا مهمًا كانت محطة على سكة حديد الحجاز التي أنشأها العثمانيون عام 1905، ويبلغ مساحتها 26 دونمًا. ويشمل نصفها مناطق “ب” التابعة للسلطة الفلسطينية، والنصف الآخر يخضع لسيطرة الاحتلال الأمنية والإدارية من خلال تصنيفه كمناطق “ج”.

تتمثل المخاطر الرئيسية التي تهدد المسعودية في إمكانية تطويق الحي السكني الذي يقطنه نحو 80 نسمة، ومنع تنقلهم، بالإضافة إلى هجمات المستوطنين على المواطنين نتيجة الاحتكاك المباشر. كما يشمل الاحتلال السيطرة على أكثر من 3 آلاف دونم من سهل المسعودية، بما في ذلك بئر المياه الارتوازية الوحيدة التي تسقي مدينة نابلس وبعض القرى الشمالية، مما يساهم في شل الحركة السياحية الفلسطينية في المنطقة.

تقصير الجهات الفلسطينية

وسط هذه الإجراءات، يشير مسعود إلى “تقصير واضح” من الجهات الفلسطينية الرسمية، سواء في دعم الموقع سياحيًا أو في التصدي المباشر لخطط الاحتلال. وتعاني بلدة سبسطية الأثرية المجاورة من نفس الإجراءات، حيث أصدرت سلطات الاحتلال مؤخرًا قرارًا بمصادرة 1300 متر مربع وسط المنطقة الأثرية.

تستمر هذه التطورات في تسليط الضوء على التهديدات التي تواجهها المواقع الأثرية الفلسطينية، مما يتطلب استجابة فعالة من السلطات الفلسطينية والمجتمع الدولي.

زر الذهاب إلى الأعلى