مقالات

تصعيد الوضع في الشرق الأوسط: أهداف بنيامين نتنياهو ومغامراته العسكرية

هناك قناعة راسخة بين الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط بأن رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يسعى إلى تصعيد الأوضاع في المنطقة لتحقيق أهداف استراتيجية رئيسية. تشمل هذه الأهداف ضرب القدرة العسكرية لإيران، بما في ذلك منشآتها النووية، وتوجيه ضربة عسكرية ضد حزب الله وإبعاده عن الحدود اللبنانية بعمق لا يقل عن عشرة كيلومترات.

مغامرات نتنياهو

نتنياهو يتعامل مع التطورات الحالية وكأنها فرصة لتعزيز موقفه، فهو يرى أن حالة الحرب والطوارئ تمنحه فرصة أكبر للتحرك واتخاذ قرارات جريئة. على الصعيد الخارجي، يعتقد أن التحديات الانتخابية في الولايات المتحدة، خاصة مع انسحاب بايدن وترشح كامالا هاريس، تمنحه مساحة أكبر للتحرك. وقد تجلى هذا الشعور في زيارته الأخيرة إلى واشنطن وخطابه في الكونغرس، حيث ركز على ضرورة توجيه ضربة عسكرية لإيران.

يدرك نتنياهو أن الوقت ليس في صالحه، وأن الفرصة ليست مفتوحة إلى ما لا نهاية، كما يتضح من تصريح الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب: “لا أريد أن تكون الحرب مستمرة عند عودتي إلى البيت الأبيض”. هذا التصريح يعني أن لدى نتنياهو شهورًا قليلة فقط لإنهاء النزاع.

علاوة على ذلك، يسعى نتنياهو لتحقيق أهداف تتعلق بمستقبله السياسي وضمان خروجه الآمن من السلطة، خاصةً بعد تحميله مسؤولية عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. فقد أدت العملية، التي كانت نتيجة “غض النظر” عن تطوير حماس لبنيتها العسكرية، إلى زيادة الضغط عليه.

التصعيد العسكري والاستجابة

نتنياهو، من خلال زيارته لواشنطن، بدأ التحضير للمرحلة التالية من النزاع. استخدام صاروخ “مجدل شمس” كذريعة لبدء مغامرة حربية جديدة يعكس قلقه من ردود فعل خصومه وعلاقته بالإدارة الأميركية. ويظهر التصعيد من خلال الضربات الإسرائيلية التي تخطت قواعد الاشتباك، مثل اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت وإسماعيل هنية في طهران.

الضربات الإسرائيلية لم تقتصر على لبنان وإيران بل شملت أيضًا أهدافًا في سوريا والعراق، مما يهدف إلى استفزاز ردود فعل لا يمكن تجاهلها.

الاستنفار العسكري

نتنياهو، مترقبًا الردود على الهجمات، يقوم بتحركات لاستنفار الجبهة الداخلية، مثل نقل بعض المنتجات الزراعية وإزالة المواد القابلة للاشتعال من المدن الشمالية. كما نفذت الطائرات الحربية الإسرائيلية ضربة لميناء الحديدة في اليمن، مما يعكس قدرتها على استهداف مناطق بعيدة.

تترافق هذه التحركات مع الاستنفار العسكري الأميركي والبريطاني في البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي. ورغم أن الطابع الدفاعي لهذه القطع البحرية يشير إلى استعدادات للتصدي للهجمات، فإن الإدارة الأميركية تبدو غير قادرة على كبح جماح اندفاع نتنياهو.

المحاولات الدبلوماسية

في إطار محاولات تهدئة الوضع، تجري جهود دبلوماسية لمحاولة سحب الجميع من حافة الهاوية، مثل زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى طهران. رغم أن هذه الزيارة لم تحقق تقدمًا كبيرًا، فإنها تسلط الضوء على جهود التفاوض لمنع تفجر الأوضاع.

سياسة الاستفزاز والاستهداف

الوضع الحالي يشير إلى أن نتنياهو مستعد لإدخال المنطقة في دوامة صراع، حيث قد تشمل الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب دولًا عربية أخرى، مما يزيد من المخاطر الإقليمية. يبدو أن وسائل الإعلام الأميركية تشير إلى احتمال حدوث ثورات نتيجة الأوضاع المتوترة.

على صعيد حزب الله، الذي يفصل بين ردوده على الضربات وضمن قواعده التقليدية، فإنه يستعد للرد على الهجمات الإسرائيلية، معتبراً أن الأميركيين وحدهم القادرون على وقف تصعيد إسرائيل إذا أرادوا ذلك.

قد يرى نتنياهو، ومعه قوى اليمين الإسرائيلي المتطرف، أن الظروف الراهنة تشجع على تغيير المعادلة الإقليمية. وربما ترى واشنطن، في خضم استحقاقها الانتخابي، فرصة لإعادة رسم ملامح المنطقة ونفوذ الأطراف فيها، ما دامت المفاوضات السياسية لم تحقق تقدمًا ملحوظًا.

زر الذهاب إلى الأعلى