حرية التعبير ليست جريمة: حين يصبح الرأي تهمة
ارتفع عدد المعتقلين إلى 16 معتقلاً حتى لحظة كتابة هذه السطور، جميعهم ينتمون إلى طيف أصحاب الرأي الحر، ممن اختاروا الكلمة سلاحًا، والصوت وسيلة، والموقف منهجًا. لم يُضبط أحد منهم يحمل سلاحًا، ولم تُنسب إليهم دعوات عنف أو تحريض، ولم يرتبط اسم أيٍّ منهم بملف مخدرات أو تهريب. إنهم ببساطة “مواطنون يتكلمون”، وذاك في حد ذاته، بات جرمًا في ظل أنظمة تخشى الصوت أكثر مما تخشى الفساد.
اللافت في الأمر أن هذه الاعتقالات لا تأتي في سياق حملة أمنية ضد عصابات الجريمة المنظمة، بل في سياق سياسي وإعلامي ملتهب، حيث تزداد الأصوات المعارضة لسياسات التهميش، وغياب الشفافية، وسوء التسيير. إنها رسالة واضحة: من يرفع رأسه ليتكلم، سيُكتم صوته، ولو بالسجن.
لكن التاريخ – في كل بقاع الأرض – يُجمع على حقيقة واحدة: اعتقال الكلمة لا يمنع انتشارها، بل يضاعف صداها. القمع لا يحلّ الأزمات، بل يفاقمها. والتضييق على حرية التعبير لا ينتج استقرارًا، بل يولّد احتقانًا.
إن حرية التعبير ليست مكرمة يمنحها الحاكم، بل حقّ أصيل تضمنه الدساتير والمواثيق الدولية، وتؤمن به المجتمعات الحيّة. الدفاع عن هذا الحق اليوم ليس نضالاً من أجل المعارضين فقط، بل دفاعٌ عن كرامة الجميع، عن الحق في التفكير، والتعبير، والاختلاف.
ليُطلق سراح الكلمة، فصوتها لا يُهزم بالقيد، بل يتعاظم كلما حاولوا إسكاتها.