ذهب الشعب..والشفافية المفقودة من يضمن حقوق الكادحين
من يملك “الشباك الموحد”؟
ذهبُ الشعب… والشفافية المفقودة
محمد عبد الرحمن عبد الله
كاتب صحفي
على بركة الله، نطرح اليوم سؤالًا يتهامس به المنقبون في الخفاء، وتتفاداه الجهات الرسمية في العلن: من هو المالك الحقيقي للشركة التي تشتري الذهب باسم ما يُعرف بـ”الشباك الموحد”؟
في بلد غني بثرواته الطبيعية، وفقير في توزيعها العادل، تُعدّ الشفافية في قطاع التعدين شرطًا أساسيًا لأي حوكمة رشيدة. ومع ذلك، يبدو أن هذا المبدأ قد تم تجاوزه — بل تجاهله — في إدارة ملف “الشباك الموحد”، الذي أُنشئ بزعم تنظيم عملية شراء الذهب من المنقبين، بينما تحيط به اليوم علامات استفهام أكبر من أن تُهمل.
غياب الإفصاح… مؤشر خطير
في أي نظام قانوني يُحترم، تُعتبر الملكية الفعلية للشركات العاملة في قطاع التعدين معلومة عمومية، وليست سرًا تجاريًا. وهذا ليس فقط لمقتضيات الشفافية، بل كذلك لمكافحة الفساد وتضارب المصالح وتبييض الأموال.
غير أن “الشباك الموحد” يعمل منذ فترة دون أن يُعرف من يقف خلفه فعليًا.
لا بيانات منشورة، ولا سجلات متاحة، ولا حتى تصريحات رسمية توضح من يملك أو يدير هذه المنشأة التي تتحكم بمصير الذهب المستخرج من باطن الأرض، بجهد وعرق آلاف المنقبين الموريتانيين.
فهل نحن أمام شركة مجهولة الهوية القانونية؟
أم أمام واجهة اقتصادية تُخفي مصالح نافذين؟
وإن كان الأمر بريئًا، فلماذا كل هذا الغموض؟
ثروات تُدار في الظل
حين تُحتكر عمليات شراء الذهب عبر جهة واحدة، دون منافسة حقيقية، ودون إفصاح عن المستفيدين الفعليين، فإننا أمام خطر مزدوج:
هيمنة اقتصادية غير خاضعة للرقابة، وتدفقات مالية معتمة تفتح الباب واسعًا لغسل الأموال أو التلاعب بأسعار الشراء.
ولأن الذهب سلعة استراتيجية، فإن غياب الحوكمة في هذا المجال لا يمس فقط الاقتصاد، بل يُقوّض ثقة المواطنين في الدولة، ويزيد من الاحتقان الاجتماعي في صفوف من يرون ثرواتهم تُنهب باسم التنظيم والشرعية.
أسئلة مشروعة تنتظر إجابة
من يملك “الشباك الموحد” فعليًا؟
ما هي المعايير التي تم على أساسها منحه هذا الاحتكار؟
أين موقع القانون من هذه الهيكلة الغامضة؟
هل تلتزم الشركة بمتطلبات الإفصاح المنصوص عليها في القوانين الوطنية؟
هل تخضع عملياتها للمراجعة المالية؟
ما نصيب الدولة من الأرباح؟ وما نصيب المواطن؟
هذه أسئلة ليست شعبوية، بل جوهرية لأي حديث جاد عن محاربة الفساد واستعادة ثقة الناس في المؤسسات.
دعوة للمساءلة
في ظل كل ما يجري، تظل الدعوة مفتوحة للسلطات الرقابية، البرلمانية، والصحافة الجادة، لأن تتحمّل مسؤولياتها.
فإذا كان شعار المرحلة هو “الحكامة الرشيدة”، فإن أول شروطها أن نعرف من يربح من ذهب الشعب؟
ومن يُدير هذه الثروة باسم القانون، دون أن يَمثُل أمام القانون.