فوضي القطع الارضية..فساد وسوء تخطيط
تعيش العاصمة الموريتانية نواكشوط منذ سنوات على وقع فوضى عارمة في مجال توزيع واستغلال القطع الأرضية، وهي فوضى تعكس غياب التخطيط الحضري السليم، وتفشي الفساد الإداري، وغياب الشفافية في عمليات التوزيع، ما أدى إلى خلق أحياء عشوائية، وتزايد النزاعات العقارية، وحرمان فئات واسعة من المواطنين من أبسط حقوقهم في السكن.
التوزيع الزبوني وغياب العدالة
يُتهم القائمون على إدارة العقارات في نواكشوط باتباع منطق المحسوبية والزبونية في منح القطع الأرضية، حيث تُمنح الأفضلية لأصحاب النفوذ، أو تُباع في صفقات مشبوهة خلف الكواليس، بينما ينتظر آلاف المواطنين في طوابير طويلة أو في قوائم لم يُنظر فيها منذ سنوات. أصبح الحصول على قطعة أرضية في العاصمة حلماً بعيد المنال لغالبية الشباب والأسر محدودة الدخل.
مدن صفيح وأحياء بدون تخطيط
تفاقمت ظاهرة الأحياء العشوائية، خاصة في أطراف العاصمة مثل دار النعيم، عرفات، والميناء، حيث ينتشر البناء غير المرخص وسط غياب تام للبنى التحتية الأساسية من ماء، وكهرباء، وصرف صحي. كما أن العديد من المشاريع السكنية التي أعلنت عنها الدولة تحولت إلى أوهام، أو مشاريع متعثرة، ضاعت بين سوء التسيير والتلاعب بالعقارات.
نزاعات عقارية لا تنتهي
الارتباك في سجلات الملكية، وتعدد الوثائق المزورة، وبيع نفس القطعة لأكثر من شخص، تسبب في تفجر آلاف القضايا العقارية أمام المحاكم، وغالباً ما يُستخدم النفوذ والمال لحسم هذه النزاعات على حساب القانون. المواطن البسيط هو الخاسر الأكبر في ظل غياب الحماية القانونية الفعالة.
الدولة.. الغائب الحاضر
رغم وعود الحكومات المتعاقبة بتنظيم القطاع العقاري، وإطلاق حملات لإحصاء المستفيدين، وتحديث نظم التوزيع، إلا أن الوضع ما زال يراوح مكانه. ويبدو أن الإرادة الحقيقية للإصلاح مفقودة، أو أنها تصطدم بشبكات مصالح قوية داخل الإدارة.
فوضى القطع الأرضية في نواكشوط ليست مجرد خلل إداري، بل هي مرآة لانعدام الشفافية والعدالة في توزيع الثروة، وغياب التخطيط الحضري الرشيد. إنها أزمة تمس الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وتتطلب تدخلاً عاجلاً وحازماً لإعادة الأمور إلى نصابها، وبناء عاصمة تستحقها موريتانيا ومواطنيها.
تقرير :
محمدعبدالرحمن عبدالله
كاتب صجفي