كنكوصة بين الغياب والظهور الموسمي
في كل مرة يطلّ فيها الطالب سيد أحمد على مدينته كنكوصه، يكون حضوره عابرًا، أقرب إلى زيارة بروتوكولية أو استعراض ارتجالي لا يترك أثرًا حقيقيًا في وجدان السكان. لكن المثير أن هذه الزيارات العابرة غالبًا ما تُتوّج بخطابات تتحدث عن كنكوصه وكأن صاحبها خبير بمشاكلها اليومية وملمّ بتفاصيل حياة أهلها.
غير أن سكان كنكوصه يعرفون جيدًا مَن يعيش بينهم، ويقاسمهم معاناة البنية التحتية المتهالكة، والعطش المزمن، وضعف الخدمات، ومَن يطرق أبواب الوزارات في نواكشوط للمطالبة بحقوقهم. وهم يعرفون أيضًا مَن يكتفي بزيارات موسمية سرعان ما تنتهي بالرحيل، تاركًا وراءه خطابات منمّقة لا تحل مشكلة ولا تفتح بئرًا.
إن السياسة، في مفهومها الحقيقي، ليست استعراضًا إعلاميًا ولا حضورًا موسمياً، بل التزام يومي وتواصل دائم مع المواطنين. وكنكوصه، مثل غيرها من مدن الداخل، تحتاج إلى قيادات ميدانية تتحمل عبء الدفاع عنها، لا إلى شخصيات تظهر وتختفي على إيقاع الحملات والمناسبات.