ماذا يجني بيرامة من زيارته لأدرار.؟!
في صيف أدرار اللاهب، وبين كثبانها السياسية الصلبة، حلّ النائب والمرشح الرئاسي بيرام الداه اعبيد ضيفًا ثقيلاً على ساحة كانت لعقود تُصنف خارج حساباته الانتخابية. فما الذي يدفع أحد أكثر الشخصيات السياسية إثارةً للجدل في موريتانيا إلى شق طريقه نحو عاصمة العلم والتصوف ،والتقاليد الإجتماعية المحافظة؟!
من منظور واقعي، لا تبدو الزيارة سياحية ولا بروتوكولية، بل تحمل دلالات سياسية عميقة، في توقيت يُعدّ بمثابة انطلاقة فعلية للحملات الرئاسية غير المعلنة. وهنا يمكن طرح عدة سيناريوهات لما يريده بيرام من أدرار:
1. كسر الحواجز الجغرافية والسياسية
لطالما وُصف بيرام بأنه “مرشح الجنوب والضواحي المهمّشة”، لكنه يدرك اليوم أن طريق الرئاسة يمر عبر كل الجهات، وليس عبر خطاب الغضب وحده. يريد أن يقول إن أدرار ليست “خارج خارطته”، وإنه قادر على التمدد حتى في مناطق يُفترض أنها موالية تاريخيًا لأنظمة الحكم أو محسوبة على مراكز النفوذ القبلي.
2. رسالة إلى الدولة العميقة
زيارة بيرام لأدرار – بما تحمله من رمزية – هي أيضًا رسالة “تحدٍّ” إلى من يصنفونه خارج المؤسسة أو خارج النطاق المقبول سياسيًا. هو يختبر سقف التسامح مع حضوره في مناطق نفوذ الدولة العميقة، ويعيد اختبار قدرة خصومه على مواجهته في ساحة مفتوحة.
3. الاقتراب من القواعد المحافظة
خطاب بيرام الحقوقي، الذي ارتبط طويلًا بالمظلومية والحراك الشعبي، لم يكن يجد صدى واسعًا في أوساط النخب التقليدية والمحافظة. لكن يبدو أنه يعيد ضبط البوصلة، بحثًا عن “شرعية وطنية شاملة” تتجاوز من كانوا جمهوره الأول. قد لا ينجح في كسبهم كليًا، لكنه يحاول تحييدهم أو تقليص حجم رفضهم.
4. تهيئة خطاب جامع
من الممكن أن تكون زيارة أدرار جزءًا من محاولة لإعادة صياغة خطابه السياسي، بحيث يبدو أقرب إلى خطاب الدولة والوفاق، وليس فقط “خطاب الاحتجاج”. حضور بيرام في عمق الشمال الموريتاني، إن تم تسويقه جيدًا، قد يمنحه هامشًا أوسع للقول إنه مرشح لكل الموريتانيين، وليس فقط لمناطق الظل.
في المحصلة…
لا شك أن بيرام يدرك أن الانتخابات لا تُربح فقط بالخُطب النارية ولا بالمواقف الحقوقية الصلبة. بل تُربح بتوسيع التحالفات، وكسر الصور النمطية، وتطبيع الحضور في مناطق الخصوم.والأوساط الإجتماعية المحافظة.
وربما يكون أدرار اليوم أول اختبار حقيقي لحملته المقبلة. فهل يعود منها بحلفاء جدد، أم بخيبات واقعية؟! الأيام كفيلة بالإجابة.
محمدعبدالرحمن ول عبدالله
كاتب صحفي