ماذا يعني الوزير الاول بعبارة الرئيس القادم المنحرف.؟!
في تصريح غير رسمي نُسب للوزير الأول المختار ولد اجاي خلال جلسة خاصة مع مقربين منه، عبّر الرجل عن قلقه قائلاً: “ليس من المنطقي أن يتعب هو وطاقمه، ليأتي رئيس منحرف ويفسد ما أنجزوا.”
تصريح كهذا لا يمر مرور الكرام، ليس فقط لما يتضمنه من دلالة سياسية، بل لما يعكسه من منطق الحكم والنظرة إلى الدولة ومؤسساتها.
■ منطق الورثة لا منطق الدولة
في خلفية هذا التصريح، يلوح منطق الوراثة السياسية: نحن من “تعب” وبنى، ولا يحق لأحد أن يمسّ ما أنجزناه. كأن الدولة مزرعة خاصة لا مشروعًا عامًا، وكأن التداول السلمي للسلطة إن حدث، سيأتي بحكم “منحرف” يطيح بـ”منجزات” السابقين.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا: من يحدد طبيعة هذا “الانحراف”؟ أهو الاختلاف في الرؤية والسياسات؟ أم مجرد الخروج عن المسار الذي خطّه النظام القائم؟
■ هل تعبتم حقًا؟
ينبغي أن نسأل: ماذا عن “التعب” الذي تحدّث عنه ولد اجاي؟
هل يقصد حجم الخطط؟ عدد الاجتماعات؟ أم قرارات التعيين؟
لأن المواطن البسيط لم يشعر بعد بانعكاسات هذا “التعب” على واقعه:
قطاع الصحة لا يزال يئن تحت أعباء الفساد وسوء الإدارة.
التعليم العمومي في حالة موت سريري.
البنى التحتية مجرد وعود موسمية.
والفقر لا يزال “مواطناً” راسخاً في أحياء العاصمة والداخل.
فأين الإنجاز؟
أم أن الإنجاز بات مرادفًا للظهور الإعلامي والنشاط البروتوكولي؟
■ السياسة ليست ميراثاً شخصياً
الديمقراطية تعني التناوب. والسياسات العامة ليست نصوصًا مقدسة. ومن يأتي بعدك – يا سيادة الوزير – قد يكون أصلح، وقد يكون أفشل، لكن الشعب هو من يحكم في النهاية، لا أنت ولا حاشيتك.
وإن كانت البلاد لا تتحمّل “رئيسًا منحرفًا”، فلا بد أن تُبنى المؤسسات بطريقة تضمن التوازن والرقابة، لا أن تُصمم على مقاس أشخاص بعينهم.
■ الختام: حذارِ من منطق التقديس
نختم بالقول: منطق “نحن من تعبنا” و”لا نريد أحدًا يفسد علينا” هو المنطق ذاته الذي أسّس للدكتاتوريات في العالم الثالث.
الدولة ليست مِلكًا لحكومة مؤقتة. والسلطة ليست مديّة تُشهر في وجه القادمين. إن كنتم تعبتم فليكن التعب في سبيل المواطن، لا في سبيل إرث سياسي خائف على صورته من التغيير.