موريتانيا تقدّم تحليلاً إقليميًا حول تطور التهديدات الأمنية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل
قدّم وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج، محمد سالم ولد مرزوك، عرضًا تحليليًا شاملاً حول التهديدات الأمنية الناشئة في شمال إفريقيا والمناطق المتاخمة لها، وذلك خلال مشاركته، اليوم الجمعة، في منتدى حوارات المتوسط بمدينة نابولي الإيطالية.
وأوضح الوزير أن موريتانيا شاركت ضمن مجموعة عمل إقليمية لتبادل وتحليل المعطيات الأمنية، بمشاركة وكالات أمنية من عدد من دول شمال إفريقيا وإفريقيا الغربية، في إطار مبادرة تقودها وزارة الخارجية الموريتانية.
وأشار ولد مرزوك إلى أن نتائج التحليل أظهرت تحولًا جوهريًا في طبيعة التهديدات، حيث انتقلت من شبكات أيديولوجية فضفاضة إلى منظومات هجينة تمزج بين الإرهاب والجريمة المنظمة، مضيفًا أن الجماعات المتطرفة طورت من قدراتها عبر دمج أساليب القتال الإرهابي بالتكتيكات العسكرية التقليدية وحرب العصابات.
وكشف الوزير عن بروز ما وصفه بـ**”شركات إجرامية بواجهة دينية”**، تمول أنشطتها عبر مصادر متنوعة تشمل غسل الأموال، والتنقيب غير الشرعي عن الذهب، وسرقة الماشية، وبيع الوقود والدراجات النارية، وفرض الضرائب على الأنشطة المشروعة وغير المشروعة.
كما لفت ولد مرزوك إلى استغلال الجماعات الإرهابية للتكنولوجيات الحديثة، مثل الطائرات المسيرة والعملات المشفرة، فضلًا عن استغلال تدفقات الهجرة غير النظامية، ما يزيد – بحسبه – من تعقيد المشهد الأمني في المنطقة.
وفي تقييمه للوضع الراهن، أوضح الوزير أن الفضاء الساحلي–الصحراوي يشهد تصاعدًا في النشاط الإرهابي وتمددًا نحو الدول الساحلية المجاورة، مع تحوّل مركز الثقل الإرهابي إلى مناطق مثل بحيرة تشاد ومثلث الحدود الثلاثية.
ونبّه ولد مرزوك إلى أن الأزمة الأمنية امتدت إلى دول مثل بنين وتوغو وساحل العاج، نتيجة تجزئة الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب مقابل تماسك الشبكات الإرهابية العابرة للحدود، محذرًا من أن اعتماد بعض الدول على الميليشيات المحلية والمرتزقة فاقم الأوضاع، حيث استُخدمت الأسلحة الموجهة إليهم في تصفية نزاعات قبلية قديمة.
وفي ختام عرضه، شدّد الوزير على أن الهشاشة البيئية وتدهور الموارد الطبيعية أصبحتا تغذيان الصراعات المحلية حول المياه والأراضي والمراعي، مؤكدًا أن أي مقاربة أمنية فعالة لا بد أن تدمج البعد المناخي والاجتماعي لمعالجة جذور الأزمات في المنطقة.