مقابلات وتحقيقات

وكالة التأزر..الدورالباهت في مشهدالفقر والتهميش

تُقدَّم وكالة “التآزر” في موريتانيا كجهاز رسمي لمحاربة الفقر والهشاشة، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي. وقد وُلدت هذه الوكالة وسط وعود كبيرة من النظام بتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الظلم عن الطبقات الأكثر هشاشة. لكن بعد سنوات من إنشائها، تتعالى التساؤلات حول فاعليتها، ومردود تدخلاتها، وشفافية تسييرها.

غياب التأثير الحقيقي

رغم الميزانيات الكبيرة التي خصصت للوكالة، والمشاريع التي يُعلن عنها بين الفينة والأخرى، إلا أن الواقع على الأرض يكشف عن تأثير باهت، لا يرقى إلى مستوى التطلعات. فما تزال الأحياء الفقيرة، من نواكشوط إلى أعماق الداخل، تعاني من الحرمان وغياب الخدمات الأساسية. وغالبًا ما تكون تدخلات “التآزر” مجرد مناسبات إعلامية، لا تتجاوز توزيع إعانات ظرفية أو تدشين مشاريع صغيرة في ظل غياب رؤية تنموية شاملة.

البيروقراطية.. والزبونية

تتهم أصوات معارضة ومنظمات مجتمع مدني الوكالة بأنها أصبحت أداة لتكريس الزبونية السياسية، حيث يتم توجيه الدعم وفق الولاءات لا الاحتياجات. كما أن البيروقراطية الإدارية داخل الوكالة تضعف من سرعة وفعالية التدخلات، وتُفرغ البرامج من محتواها.

مشاريع بلا أثر دائم

رغم إطلاق برامج مثل “الشيلة”، و”التكافل”، ومشاريع السكن الاجتماعي، إلا أن معظم هذه المبادرات تفتقر إلى الاستدامة. فهي إما غير مدروسة جيدًا، أو تعاني من ضعف المتابعة والتقييم. مما يجعل الفقراء أنفسهم لا يثقون في نتائجها، وينظرون إليها كوعود انتخابية مؤقتة.

خاتمة: إعادة النظر ضرورة وطنية

إذا كانت محاربة الفقر والهشاشة أولوية وطنية، فلا بد من مراجعة جادة لأداء وكالة “التآزر”، سواء على مستوى الرؤية أو أدوات التنفيذ. فالدور الباهت الذي تؤديه حاليًا لا يخدم إلا تكريس الواقع المرير، بدل تغييره. المطلوب ليس مجرد وكالة “توزع” بل مؤسسة “تبني”، تزرع الأمل وتُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة المواطنين الأكثر هشاشة.

محمدعبدالرحمن عبدالله
كاتب صحفي

زر الذهاب إلى الأعلى