مقابلات وتحقيقات

أكجوجت : مدينة الذهب والفقر والعطش!!

 

 

محمدعبدالرحمن ول عبدالله

كاتب صحفي،انواكشوط

 

في قلب الصحراء الموريتانية، وعلى بعد 250 كيلومتراً من العاصمة نواكشوط، تقف مدينة أكجوجت شاهدة على مفارقة جارحة: أرض تتدفق من جوفها ثروات الذهب والنحاس والمنغنيز، فيما يلهث سكانها وراء جرعة ماء صالحة للشرب.

تُعرف أكجوجت بأنها عاصمة ولاية إنشيري وأحد أقدم الحواضر المنجمية في موريتانيا، تحتضن مناجم إستراتيجية مثل تازيازت وقلب أم قرين، اللذين يدران مليارات الدولارات على الشركات المستغلة. لكن تلك الثروة لم تُترجم إلى تنمية أو تحسين ظروف عيش السكان المحليين، الذين لا يتجاوز عددهم 12 ألف نسمة بحسب المندوبية الوطنية للتعداد السكاني.

■ ذهب يلمع… وعطش ينهك

منذ سنوات، تعاني المدينة من أزمة مياه خانقة جعلت حياة الأهالي معركة يومية. في الوقت الذي تُسقى فيه مصانع التعدين بالملايين من الأمتار المكعبة من المياه لاستخراج المعادن، يضطر المواطن البسيط للانتظار ساعات في طوابير طويلة أمام الصهاريج، أو لشراء الماء بأسعار تفوق قدرته.

> “نحن نعيش فوق الذهب، لكننا نموت من العطش”، يقول أحد سكان أكجوجت، ملخصاً المأساة في جملة واحدة.

■ وعود سياسية لا ترتوي

رغم تعاقب الحكومات والوعود الرسمية بحل أزمة العطش عبر مشاريع التحلية والأنابيب القادمة من نهر السنغال أو حقول بوحشيشة المائية، إلا أن الأزمة ما تزال تتجدد كل صيف، لتجعل المدينة رهينة صراع غير متكافئ بين الذهب والماء.

■ ثروة منهوبة… وسكان منسيون

قصة أكجوجت ليست مجرد أزمة عطش، بل نموذج فجّ لتناقضات التنمية في موريتانيا: موارد طبيعية هائلة تُستغل بلا أثر ملموس على حياة السكان المحليين، وبنية تحتية غائبة، وغياب رؤية وطنية تجعل الثروة في خدمة الإنسان لا العكس.

زر الذهاب إلى الأعلى