أخبار وطنية

إطلاق سراح عالي ولد بكار… حين تتحول السياسة إلى “حظ ، عائلي”

محمدعبدالرحمن ول عبدالله
كاتب صحفي ، انواكشوط

بعد شهرين من السجن التعسفي، خرج الناشط البيئي عالي ولد بكار إلى الحرية، في وقت كان فيه الرأي العام يتابع قضيته باعتبارها نموذجًا آخر لصراع الدولة مع الأصوات المنتقدة. غير أن المفارقة تكمن في أن لحظة الإفراج عنه تزامنت مع عودة قريبته الناهة بنت مكناس إلى الحكومة، وزيرةً للإسكان، بعد سنوات من الغياب.

هذا التزامن ليس مجرد مصادفة في نظر كثيرين، بل يعكس طبيعة المشهد السياسي الموريتاني، حيث تتداخل خيوط القرابة والقبيلة مع حسابات الدولة، حتى يصبح الظلم الذي يطال فردًا، سلّمًا قد يصعد به قريب آخر إلى موقع النفوذ.

■ السجن كرسالة

قضية ولد بكار لم تكن مجرد نزاع قانوني، بل كانت في جوهرها رسالة سياسية موجهة: إسكات ناشط يرفع صوته دفاعًا عن البيئة والثروات الطبيعية التي تُستنزف بلا حساب. غير أن السجن، بدل أن يضعف موقفه، جعله رمزًا للاضطهاد، وأثار تعاطفًا شعبيًا واسعًا، وهو ما وضع السلطة في موقف حرج.واربك حساباتها.

■ العودة من بوابة القرابة

في المقابل، جاءت عودة بنت مكناس إلى الحكومة لتكشف الوجه الآخر للمعادلة: كيف يمكن للسلطة أن توظف أسماء عائلية وازنة لإعادة ترتيب توازناتها الداخلية. فبينما كان قريبها يدفع ثمن كلمته الحرة، كانت هي تعود من بوابة “الترضية السياسية” بعد إبعاد مؤقت. عن الحكومة قاومته بكل السبل المتاحة! واخيرا جاءت قضية سجن ول بكار لتصب في صالح الناهه !
(وقديما قيل : مصائب قوم عند قوم فوائد )وكأن مصير العائلة موزع بين السجن والوزارة، بين التضحية والمكافأة.

■ القبيلة والسياسة… دائرة مغلقة

القضية تعيد إلى الواجهة سؤالاً أكبر: هل نحن أمام دولة مؤسسات أم مجرد شبكة من العائلات النافذة التي يتحدد موقعها وفق مواقف أفرادها؟ يبدو أن القبيلة لا تزال الحَاكم غير المعلن في توزيع المناصب، وأن السلطة لا تتحرك خارج منطق “المعادلة القبلية” مهما ادعت التحديث والانفتاح.

■ المفارقة القاسية

المفارقة المؤلمة أن قضية بيئية تخص مستقبل البلد وثرواته تحولت إلى ورقة مساومة سياسية، ليبقى المواطن البسيط الخاسر الأكبر: لا حماية لحقوقه، ولا ضمان لثرواته، ولا استقلال لقراراته.

زر الذهاب إلى الأعلى