الشباب الموريتاني : بين الهجرة والتيه والمخاطرة

في شوارع نواكشوط وداخل مقاهيها، تسمع حديثًا واحدًا يتكرر بين الشباب: كيف نرحل؟ وأي طريق أقل كلفة وأكثر أمانًا؟. لم تعد الهجرة حلماً مؤجلاً أو نزوة عابرة، بل صارت مشروع حياة موازياً، تدفع إليه قسوة الواقع وغياب الأمل.
■ وطن بلا أفق
لماذا يختار شاب في مقتبل العمر أن يركب قارب موت أو يعبر صحراء ملتهبة لا نهاية لها؟ الجواب، ببساطة، لأن الوطن لم يمنحه سوى الإحباط.
● فرص العمل شبه معدومة، حتى لحملة الشهادات العليا.
● الوظائف العمومية مغلقة أمام من لا يملك وساطة أو انتماءً قبليًا نافذًا.
● القطاع الخاص هشّ، عاجز عن استيعاب طموحات جيل كامل.
■ ظلم يقتل الطموح
من المؤلم أن يعيش شاب سنوات بين قاعات الدرس وأحلام المستقبل، ثم يجد نفسه على قارعة الطريق، بلا وظيفة ولا تقدير. الأكثر قسوة هو أن يرى آخرين أقل كفاءة منه يتسلقون المناصب عبر أبواب الزبونية والرشوة. هنا يتأكد له أن العدالة ليست سوى شعار أجوف، وأن الجهد الفردي لا قيمة له.
■ انتحار بطيء
المخاطرة بالهجرة ليست حبًا في الغربة، ولا سعيًا وراء الرفاه. إنها هروب من انتحار بطيء اسمه الانتظار داخل الوطن. حين تنغلق الأبواب جميعها، يتحول البحر إلى ممر إجباري، مهما كان ثمنه.
● الوزارة الغائبة والمجتمع الصامت
في ظل غياب سياسات تشغيل واضحة، وغياب خطط جدية لاحتضان الطاقات، يظل الشباب في عزلة، لا يسمع عنهم أحد إلا حين تأتي الأخبار عن غرق قارب جديد في المتوسط أو فقدان قافلة في الصحراء. والأسوأ أن المجتمع، بمؤسساته ونخبه، يتعامل مع هذه المآسي ببرود يوازي برود الدولة.
■ الحقيقة المرة
الهجرة في النهاية ليست مجرد قرار فردي؛ إنها تصويت جماعي ضد الظلم، ضد الفساد، وضد وطن يطرد أبناءه بدل أن يحتضنهم. الشباب الموريتاني لا يكره أرضه، بل يكره واقعًا صاغته أنظمة متعاقبة حولت الثروة إلى لعنة، والوطن إلى محطة انتظار طويلة بلا مستقبل.







