اكتتاب بلا شفافية: الشركة الموريتانية للمحروقات تحت مجهر المتسابقين
في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، وجهت الشركة الموريتانية للمحروقات (SMH Mauritanie) دعوات مفاجئة لمجموعة من المهندسين الذين سبق أن تقدموا لمسابقة الاكتتاب الجارية حاليًا، للحضور يوم الخميس القادم لإجراء امتحان كتابي عند الساعة الثامنة صباحًا بمباني ISCAE في نواكشوط.
المفارقة أن هذه الدعوات وصلت إلى بعض المترشحين قبل أقل من 48 ساعة من الموعد المحدد، رغم أن الشركة كانت على علم مسبق – من خلال بيانات الترشح – بأن بعض المتقدمين يقيمون في الخارج، وتحديدًا في فرنسا، أو في ولايات داخلية بعيدة مثل النعمة.
هذا الأسلوب يطرح أكثر من علامة استفهام:
أين تكافؤ الفرص؟ كيف يمكن لمترشح يقيم في باريس أو بوردو أن يحجز تذكرة سفر ويصل نواكشوط في أقل من يومين، بينما يجد آخرون في العاصمة أنفسهم في وضعية أريَح؟
هل يتعلق الأمر بكفاءة المترشحين أم بانتقاء مقصود؟ إذ أن قِصر المهلة قد يُفهم على أنه إقصاء غير مباشر لفئات من الشباب الطامحين، بحجة “التغيب” عن الامتحان.
غياب الشفافية في التواصل: فالشركات الوطنية يُفترض أن تعكس قيم المرفق العام، وأن تعطي وقتًا كافيًا للمترشحين، بدل اعتماد رسائل عاجلة لا تمنح فرصًا متساوية.
في بلدان تحترم الكفاءات، تكون مسابقات الاكتتاب مناسبة لخلق الثقة في مؤسسات الدولة، عبر إعلان جداول زمنية واضحة، ونشر المقررات مسبقًا، وضمان أن يحصل جميع المتقدمين على مهلة زمنية كافية للترتيب والاستعداد. أما في حالتنا، فالرسالة تكشف هشاشة في التنظيم، وربما غياب نية حقيقية في جعل الاكتتاب نزيهًا وشفافًا.
إن الشركة الوطنية للمحروقات مطالبة اليوم بتدارك الأمر، إما عبر تأجيل الامتحان لأسبوع إضافي، أو على الأقل توفير آليات بديلة (امتحان إلكتروني أو جلسة إضافية) تضمن مساواة المترشحين. فالوظائف العمومية ليست هبة توزع، وإنما حقوق يتنافس فيها المواطنون على أساس الجدارة لا القرب الجغرافي أو الحظ.
ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل تسعى SMH إلى اختيار الكفاءات حقًا، أم أنها تكرر نفس سيناريوهات الاكتتابات المعلبة التي عرفتها مؤسسات وطنية أخرى، حيث تكون النتيجة معروفة سلفًا، والامتحان مجرد واجهة شكلية؟