وادان… مجدٌ منقوش في الحجر، وواقعٌ يُهدر في الشكليات

محمد عبد الرحمن عبدالله
كاتب وصحفي إجتماعي
حين تتحدث إليك وادان بلا كلمات، فهي لا تحتاج إلى خطابات رسمية ولا منصات احتفالية. يكفي أن تطأ حجارتها الصامتة حتى تُريك تسعة قرون من المجد والأبهة والألق. مدينةٌ كانت مناراتها تهدي القوافل، ومكتباتها تُغني العلماء، ومساجدها تُعيد للأذن صدى الأذان الأول، قبل أن تتحول اليوم إلى خلفية جميلة لصور المهرجانات، بينما تعيش في الهامش.
● وادان… ذاكرة وطن
تقع وادان في قلب آدرار، وكانت منذ تأسيسها في القرن السادس الهجري إحدى أهم الحواضر العلمية والتجارية في الصحراء الكبرى. شكّلت حلقة وصل بين شمال إفريقيا وبلاد السودان، واحتضنت مدارس علمية ومخطوطات نادرة، ما جعلها تُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
هذه المدينة ليست أطلالاً جامدة، بل سجلٌّ حيّ لتاريخ موريتانيا، ومثال على قدرة الإنسان الصحراوي على بناء حضارة في أقسى الظروف. غير أن هذا الإرث العظيم لم يُترجم، إلى اليوم، إلى مشروع تنموي حقيقي يحفظ المكان ويُنعش الإنسان.
● مهرجانات بلا أثر
في السنوات الأخيرة، عرفت وادان تنظيم مهرجانات ثقافية وسياحية رُصدت لها مخصصات مالية وُصفت بـ«الكبيرة» قياسًا بحجم المدينة وحاجياتها الأساسية. منصات، خيام فاخرة، فرق فنية، وفود رسمية، وإقامات مؤقتة… لكن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: ماذا بقي لودان بعد انطفاء الأضواء؟
بحسب شهادات سكان محليين، فإن استفادة المدينة من هذه التظاهرات ظلت محدودة:
- لا ترميم جدي للمدينة القديمة.
- لا تحسين مستدام للبنية التحتية (مياه، طرق، كهرباء).
- لا دعم حقيقي للحرفيين ولا لأصحاب النزل التقليدية.
- ولا فرص عمل دائمة للشباب.
- لا برنامج لحفظ ألاف المخطوطات الثمينة
يقول أحد الفاعلين المحليين: «المهرجان يمرّ من هنا، يلتقط الصور، ثم يرحل، وتبقى وادان على حالها… بل أحيانًا أسوأ».
● ثقافة أم واجهة؟
المفارقة أن المهرجانات تُنظم باسم الثقافة والتراث، بينما يظل التراث نفسه مهددًا بالتآكل، وتُترك المدينة القديمة لمصيرها، في غياب خطط ترميم جادة أو إشراك فعلي للسكان. يتحول التاريخ إلى ديكور، والثقافة إلى مناسبة استهلاكية، تُصرف فيها الأموال أكثر مما تُستثمر.
● سؤال المحاسبة
لا يعارض سكان وادان الاحتفاء بتاريخ مدينتهم، بل يطالبون بأن يكون هذا الاحتفاء:
- مستدامًا لا موسميًا،
- تنمويًا لا استعراضيًا،
- شفافًا في تسيير موارده.
فهل يعقل أن تُصرف ملايين الأوقية على مهرجان، بينما تعجز المدينة عن توفير خدمات أساسية، أو إنقاذ معالم تاريخية مهددة بالاندثار؟
● وادان تستحق أكثر
وادان لا تطلب الكثير. تطلب فقط أن يُحترم تاريخها، وأن يُستثمر فيه بعقل الدولة لا بعقل المناسبة. فمدينة تتحدث إليك بلا كلمات، وتحمل في حجارتها تسعة قرون من المجد، لا يجوز أن تُختزل في مهرجان عابر… ولا أن يكون نصيبها من ميزانيته أقل من صدى موسيقى الافتتاح.
▪︎ وادان ليست ذكرى، بل مسؤولية.
حين تتحدث إليك وادان بلا كلمات، فهي لا تحتاج إلى خطابات رسمية ولا منصات احتفالية. يكفي أن تطأ حجارتها الصامتة حتى تُريك تسعة قرون من المجد والأبهة والألق. مدينةٌ كانت مناراتها تهدي القوافل، ومكتباتها تُغني العلماء، ومساجدها تُعيد للأذن صدى الأذان الأول، قبل أن تتحول اليوم إلى خلفية جميلة لصور المهرجانات، بينما تعيش في الهامش.
● وادان… ذاكرة وطن
تقع وادان في قلب آدرار، وكانت منذ تأسيسها في القرن السادس الهجري إحدى أهم الحواضر العلمية والتجارية في الصحراء الكبرى. شكّلت حلقة وصل بين شمال إفريقيا وبلاد السودان، واحتضنت مدارس علمية ومخطوطات نادرة، ما جعلها تُدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
هذه المدينة ليست أطلالاً جامدة، بل سجلٌّ حيّ لتاريخ موريتانيا، ومثال على قدرة الإنسان الصحراوي على بناء حضارة في أقسى الظروف. غير أن هذا الإرث العظيم لم يُترجم، إلى اليوم، إلى مشروع تنموي حقيقي يحفظ المكان ويُنعش الإنسان.
● مهرجانات بلا أثر
في السنوات الأخيرة، عرفت وادان تنظيم مهرجانات ثقافية وسياحية رُصدت لها مخصصات مالية وُصفت بـ«الكبيرة» قياسًا بحجم المدينة وحاجياتها الأساسية. منصات، خيام فاخرة، فرق فنية، وفود رسمية، وإقامات مؤقتة… لكن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: ماذا بقي لودان بعد انطفاء الأضواء؟
بحسب شهادات سكان محليين، فإن استفادة المدينة من هذه التظاهرات ظلت محدودة:
- لا ترميم جدي للمدينة القديمة.
- لا تحسين مستدام للبنية التحتية (مياه، طرق، كهرباء).
- لا دعم حقيقي للحرفيين ولا لأصحاب النزل التقليدية.
- ولا فرص عمل دائمة للشباب.
يقول أحد الفاعلين المحليين: «المهرجان يمرّ من هنا، يلتقط الصور، ثم يرحل، وتبقى وادان على حالها… بل أحيانًا أسوأ».
● ثقافة أم واجهة؟
المفارقة أن المهرجانات تُنظم باسم الثقافة والتراث، بينما يظل التراث نفسه مهددًا بالتآكل، وتُترك المدينة القديمة لمصيرها، في غياب خطط ترميم جادة أو إشراك فعلي للسكان. يتحول التاريخ إلى ديكور، والثقافة إلى مناسبة استهلاكية، تُصرف فيها الأموال أكثر مما تُستثمر.
● سؤال المحاسبة
لا يعارض سكان وادان الاحتفاء بتاريخ مدينتهم، بل يطالبون بأن يكون هذا الاحتفاء:
- مستدامًا لا موسميًا،
- تنمويًا لا استعراضيًا،
- شفافًا في تسيير موارده.
فهل يعقل أن تُصرف ملايين الأوقية على مهرجان، بينما تعجز المدينة عن توفير خدمات أساسية، أو إنقاذ معالم تاريخية مهددة بالاندثار؟
● وادان تستحق أكثر
وادان لا تطلب الكثير. تطلب فقط أن يُحترم تاريخها، وأن يُستثمر فيه بعقل الدولة لا بعقل المناسبة. فمدينة تتحدث إليك بلا كلمات، وتحمل في حجارتها تسعة قرون من المجد، لا يجوز أن تُختزل في مهرجان عابر… ولا أن يكون نصيبها من ميزانيته أقل من صدى موسيقى الافتتاح.
وادان ليست ذكرى، بل مسؤولية.







