مقابلات وتحقيقات

ماذا قال دداهي عن ولد صلاحي خلال مقابلة سابقة مع صحفي أمريكي.؟!


مقابلة أجراها الصحفي الأميركي مايكل برونز/ مع مدير أمن الدولة الموريتاني السابق دداهي ولد عبد الله، تناولت المهندس محمدو ولد صلاحي المعتقل السابق في سجن غوانتانامو

مايكل برونز: في عام 2000 كنتَ مدير أمن الدولة، واعتقلتَ محمدو ولد صلاحي، حينما وصل إلى نواكشوط عائداً إلى بلاده من كندا.. مَن أمرك بذلك؟

دداهي: كنا نقوم بحملة ضد القاعدة. وأجرينا بحثا معمقا حول الحركة الإسلامية في البلد.. حددنا عناوين وأعضاء.. وحققنا مع كل الذين لهم صلات بتلك الحركة وقدمناهم إلى العدالة.. وقد أطلقنا كل الذين هم أبرياء.. وكان محمدو أحدهم.. وحينما عاد من كندا «استقبلناه».. قمنا بتحقيقاتنا الواسعة الخاصة.. وهذه التحقيقات تقود أحياناً إلى لا شيء، وأحياناً أخرى إلى الذين لهم صلات بالجماعات الإرهابية. وكان محمدو تحت المتابعة من مصالح الاستخبارات الألمانية والكندية والسنغالية والأميركية. ويعرف الكل أنه بعد أحداث 11 سبتمبر تغيرت علاقات التعاون الدولي في مجال حركة الأشخاص، حيث أصبح من السهل تسليم أي مشتبه به إلى بلد آخر.. اكتشفنا في العام 1994 وجود شبكة إرهابية هنا، ومن أعضائها كان هناك ليبيون ومغاربة وتونسيون بعضهم عائد من الجهاد ضد السوفييت في أفغانستان.

مايكل برونز: هل تعتقد أن محمدو كان إرهابياً حينما اعتقلتَه للمرة الأولى؟

دداهي: كانت لدينا معلومات تقول إنه على صلة بالقاعدة، ومن شأن مثل هذه المعلومات أن تجعلنا نشك في أنه من الجهاديين أو المتطرفين، وهذا ما اعتقدناه.. وبعد تحقيق مطول أخلينا سبيله. لقد تمت تبرئته واشتغل مع شركات تكنولوجية مختلفة، وكانت الرئاسة تنوي اكتتابه خبيرَ كومبيوتر، بل إنه اشتغل للرئاسة في بعض المناسبات.

مايكل برونز: قلتم إنكم عرفتم محمدو من خلال عدد من النقاشات.. سؤال: هل تغير انطباعكم عنه؟

دداهي: شخصياً لم أجد أي شيء ملموس ضده.

مايكل برونز: لا أدلة جرمية؟

دداهي: بصراحة لم أجد أي شيء في ذلك المنحى.. لا جرائم إرهابية، ولا أي نوع آخر من الجرائم. لقد التقيتُ به عدداً كبيراً من المرات ولم أجد شيئاً. كان له أصدقاء من القاعدة خلال وجوده في ألمانيا، وكان له أقارب أعضاء في هذه الجماعة. وما اعتقد الأميركيون كان قصة أخرى.. والآن بعد أن أفرجوا عنه اتضح أنه برئ.

مايكل برونز: يبدو إرسال محمدو إذن إلى الأردن غريباً.. كيف قررتم إرساله؟

دداهي: لا شيء أقوله حول ذلك، ولا علاقة لي به.. فأنا لستُ مَن قرر وخطط لذلك.. لقد أُبلغت أنه ينبغي أن ينقل محمدو إلى الخارج، وأن طائرة ستقلّه. لقد ظلت الأمور تسير بشكل جعلني لا أعرف في أي وقت وإلى أين يذهب حتى اللحظة الأخيرة. وبعد أن أُركب محمدو تلك الطائرة انقطعت كل صلة لي به.. ولا أستطيع أن أقول كلمة عنه منذ ذلك الوقت.. أعتقد أنه كان هناك تنسيق بين كل فروع الاستخبارات في العالم في حربها ضد الإرهاب.. كان للأميركيين علاقاتهم مع الأردنيين ودول أخرى.. ولم يبد لي الأمرُ غريباً.

مايكل برونز: لكنك في ذلك الوقت كنتَ أحد أقوى رجال البلد.. وقد أقررتَ أن محمدو كان بريئاً.. وأصر الأميركيون على أن تعتقلوه.. ما هو شعورك إزاء ذلك؟

دداهي: انظر.. أن يكون الشخص متورطاً في نشاط، وأن يكون مشتبهاً به أمران مختلفان.. حينما يرتكب المرء جريمةً تكون هناك دلائل، وهذا أمر واضح.. الاشتباه قد يكون خاطئاً، لكن على الأمن أن يتثبت من ذلك.. حينما نتأكد من وجود جرم نعاقب. وحينما يكون العكس نفرج عن المشتبه به.

مايكل برونز: قال محمدو في كتابه إنه حينما أبلغتَه أن الـ «ف بي آي» ستستجوبه أثناء توقيفه في موريتانيا واجهك بالسؤال: كيف وأنت مدير الأمن تقبل أن يستجوبني الأجانب؟

دداهي: لا أتذكر أنه قال لي ذلك.. لقد طلب مني ألا أسلمه للأميركيين، وطلب بدلا من ذلك أن آتي به إلى الرئيس… لم أقم بذلك.. كنت فقط أنفذ الأوامر.. والقرار اتخذ بتسليمه للأميركيين.. وفي ذلك الوقت أي أحدٍ على صلة بأحداث 11 سبتمبر كان من الصعب بل من المستحيل عدم تسليمه للأميركيين، مع أخذ المعاهدة المبرمة بين بلدينا في الاعتبار. لقد تحول الإرهاب إلى تحد دولي، كان علينا أن نحاربه، وأن نتعاون على المستوى الدولي..

مايكل برونز: هل قرأتَ كتاب محمدو؟

دداهي: نعم

مايكل برونز: كيف كان انطباعك؟

دداهي: لم يكن مفاجئاً لي.. كان يعكس محمدو الذي عرفتُ.. أعتقد أنه كتاب ألَّفه رجل نزيه تحدّث فيه عن حياته والمشاكل التي تعرض لها بشكل نزيه.. كان دقيقاً في ما كتب، خاصة في ما يتعلق بالفترة التي اشتركناها، أستطيع أن أشهد بذلك. ربما يكون نسي بعض التفاصيل أو ضاعت من ذاكرته.. لكن محمدو الذي عرفتُ كان شاباً ذكياً. شخصياً لم أكن أصدِّق الشبهة التي أحاطت به. أعتقد أنه موسوعة في الفقه، وفي الثقافة الإسلامية.. كانت له صلة بالحركة الإسلامية، لكني كنتُ أعتبر أنها صلة علم ولم تكن نشاطاً خطراً.

مايكل برونز: ماذا اعتقدتَ حينما علمتَ أن محمدو في غوانتانامو؟

دداهي: لقد اعتقدتُ أنهم وجدوا شيئاً ضد محمدو، شيئاً لم أكن على علم به.. والآن، وبعد أن أفرجوا عنه تأكد أنه لم تكن له صلات بالهجمات الإرهابية.

مايكل برونز: من بين مهام عملي بصفتي صحفياً أن أراقب كيف تستخدم بلادي قوتَها في العالم.. وبصفتك مديرَ أمن موريتانيا السابق، هل حدث سوء تصرف في هذا الجانب؟

دداهي: أعتقد أن الإرهاب لعنة.. وأنه لا يوجد بلد لا يسعى إلى حماية مواطنيه وضمان أمنهم.. الولايات المتحدة مثل أي بلد آخر كانت تعمل على حماية نفسها.. لا يمكننا أن نكون ضد سياستها الأمنية.. دول كثيرة انهارت بسبب الإرهاب.. انظر إلى ليبيا والعراق وسوريا.. إلخ.

مايكل برونز: هل تعتقد أنه وقع خطأ؟

دداهي: لا أعتقد أنه وقعت أخطاء.. مادام التعاون بين الدول ضد الإرهاب والتهديدات الأمنية ضرورياً، فإن موريتانيا مثل غيرها من الدول عليها أن تتبادل المعلومات وتتخذ الإجراءات اللازمة.. لن يتغير أي شيء.. إن الخطأ الأكبر الذي يمكن أن يقوم به بلد في هذه الظروف هو رفض التعاون مع دولة أخرى، ورفض طلب من شأنه أن يساعد في الحصول على معلومة تساهم في حمايتها.. إن واجبنا أن نتعاون.. هذا ما أعتقد…

مايكل برونز: أمامك هذا الرجل الذي أقررت بأنه كان بريئاً.. إنه يعود بعد 15 عاماً ذاق خلالها العذابَ بشكل متواصل.. وأنت ما زلت أيضاً تؤمن ببراءته… ألا يعتبر هذا خطأ؟

دداهي: أولا هذه مسؤولية الطرف الذي كان وراء اعتبار محمدو متورطاً.. وثانيا أولئك الذين أطالوا أمره ولم يغلقوا ملفه بعد أن أدركوا براءتَه واحتفظوا به في السجن 15 عاماً من دون تهمة.. هؤلاء هم المسؤولون عن معاناة محمدو.. كان عليهم تركه يذهب منذ زمن بعيد حينما لم يجدوا شيئاً ضده.

مايكل برونز: هل تحدث الأمور نفسها الآن أم أن الوضع تغير؟

دداهي: أعرف شيئاً واحداً هو أن الحرب على الإرهاب ستستمر مادام الإرهاب ينمو، والتعاون ضروري في هذا المجال.. وما دام التعاون ضرورياً فإن هذا يمكن أن يحدث، وهو أمر عادي..

مايكل برونز: لكن هذا النظام لم يكن جيداً!

دداهي: لم تكن هذه هي المرة الأولى.. قضى كثيرون سنوات عديدة في السجن وبدا في الأخير أنهم كانوا أبرياء.. لم يحدث هذا لمحمدو وحده.. وربما لأن حالة محمدو تتعلق بالإرهاب يتحدث الناس عنها.

مايكل برونز: هل أغلق ملف محمدو نهائياً؟ إن براءته واضحة..

دداهي: لم يستطيعوا إثبات أي شيء ضده.. وبخصوص معاناته، فله الحق في متابعة كل الذين يعتقد أنهم مسؤولون عن ما حل به.. الأمر يعود إليه. لقد سمعت في بياناته للجمهور أنه يسامح كل الذين كانوا وراء محنته.. لا أعرف شخصاً كان ينوي الإضرار به على أي وجه.. لقد كان محمدو في الوضعية نفسها مع موريتانيين آخرين.. البعض كان في غوانتانامو، والبعض مات في أفغانستان.. ولدي جار كان المستشار الروحي لأسامة بن لادن.. كثير من هؤلاء انتهوا في السجن.. وبُرِّئ البعض.. إنها الحياة.

أجريت المقابلة في 22 ديسمبر 2016
في أنواكشوط..
ترجمة ، الإتحاد.

زر الذهاب إلى الأعلى