درامندرا وهيما ماليني: جمال السينما الهندية وإلهام الشعرالموريتاني

شهدت السينما الهندية رحيل أحد أعلامها، النجم الكبير درامندرا، الذي لم يكن مجرد ممثل فحسب، بل رمزًا لحقبة من الأفلام التي جمعت بين الرومانسية والتراجيديا، وبين الترفيه والقيم الاجتماعية. وقد ارتبط اسمه في الذاكرة الشعبية بحبه الكبير للفنانة هيما ماليني، التي أسلم من أجلها وتزوجها، وأنجبت له ابنتين، ليصبح هذا الحب قصة من قصص السينما والحياة التي تتجاوز الشاشة إلى الواقع.
لكن القصة لم تتوقف عند حدود السينما، بل امتدت إلى عالم الأدب والشعر، حيث جسد الشعراء تأثير جمال وهيبة الفنانة في نصوصهم، كما فعل الشاعر الكبير محمد الحافظ ولد أحمدو. تقول الحكاية إن سفيرًا سابقًا للكويت في موريتانيا، سليمان الحربي، دعا الحافظ للشاي، وكانت عيناه تقع على كتب الأدب الحديثة، مثل دواوين نزار قباني وبدر شاكر السياب. وعندما طلب الحافظ استعارة الكتب، قاده المضيف إلى غرفة أخرى وفتح له ألبوم الصور، وكانت هناك صورة هيما ماليني، وأمره بأن يرتجل أربعة أبيات على هذه الصورة.
فارتجل الحافظ على الفور أبياتًا بليغة، تحمل بين طياتها الإعجاب والدهشة والالتزام الديني في آن واحد:
هِمالين يا إدهاش عقلي ** وإيماني بمن خلق الجمالا
أيعبد أهلك الأبقار جهلا ** ولو عبدوك قد كان احتمالا
وحاش الله لم أُشرك بربي ** وما قلبي عن التوحيد ماﻻ
ولكن إن يكن صنَم فأولى ** لحسنكِ أن يكون لهم ضلالا
في هذه الأبيات، نجد شاعرًا قادرًا على المزج بين التصوف والدهشة الجمالية، بين احترام الدين والاعتراف بقدرة الفن والجمال على إثارة العقل والمشاعر. إنها لحظة شعورية دقيقة، تُظهر أن الفن، سواء كان سينما أو شعرًا، قادر على أن يتخطى الحدود التقليدية للثقافة، ويخلق جسورًا بين مختلف العوالم: الهندية والعربية، القديمة والحديثة، الشعرية والسينمائية.
إن هذه الحكاية، التي تمثل لقاءً بين شاعر موريتاني وفنانة هندية، ليست مجرد طرافة أدبية، بل دليل على قدرة الإنسان على التأثر بالجمال بصوره المختلفة، وكيف يمكن لهذا التأثر أن يولد نصوصًا شعرية خالدة، حتى لو كان مصدرها صورة واحدة. وهنا يظهر جمال الفن في اتساعه وقدرته على ربط البشر ببعضهم البعض، عبر الزمان والمكان والثقافات.
رحيل درامندرا إذن ليس نهاية مجردة لشخصية سينمائية، بل تذكير بأن الحب والفن والجمال، سواء في صورة ممثلة هندية أو أبيات شاعر موريتاني، قادرون على البقاء في الذاكرة، يحيون الحكايات ويغذون الإبداع، ويبقون رموزًا للدهشة الإنسانية التي لا تزول.







