ثقافة

كنوز الشرق الموريتاني في مهب الريح..صمت رسمي وعبث محلي.!

محمد عبد الرحمن عبد الله
– كاتب صحفي

في الوقت الذي تتناقل فيه وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية أخبارًا مثيرة عن اكتشاف كنوز وآثار تاريخية نادرة شرقي البلاد، خصوصًا في منطقة باسكو قرب النعمة، لا تزال الجهات الرسمية تلتزم صمتًا غريبًا، لا تصريح، لا تحذير، ولا حتى توجيه بسيط.

هذا الغياب المؤسف للسلطات المعنية — سواء وزارة الثقافة أو وزارة المعادن أو الأجهزة الأمنية — يثير القلق والأسئلة:
هل تدرك الدولة حجم ما يجري؟
أم أن الصمت مقصود بحد ذاته؟

ثروة وطنية تُنهب في العلن

الصور المتداولة، والمقاطع التي يصورها المواطنون، تُظهر ما هو أكبر من مجرد تنقيب تقليدي عن الذهب.
هناك قطع أثرية، نقوش، وربما حتى شواهد لقِطع حضارية تعود إلى قرون مضت.
إنه تراث وطني مدفون في الأرض، ويجري الآن التعامل معه كغنيمة فردية، تُستخرج بلا خبرة، وتُباع في السوق السوداء، وقد تهرّب إلى الخارج دون أن يعلم بها أحد.

أين هي الدولة؟ وأين القانون؟

أليس من المفترض أن تتحرك وزارة الثقافة فورًا لإرسال بعثة أثرية لتوثيق ودراسة ما تم العثور عليه؟
أين هي وزارة الداخلية من حماية الموقع ومنع التخريب؟
لماذا لا يتم فرض سيطرة الدولة على المنطقة، وإعلانها موقعًا أثريًا محميًا بقوة القانون؟

بل أكثر من ذلك، يجب أن تُعلن الحكومة عن تعويضات عادلة للمنقبين الأهالي الذين وجدوا هذه الكنوز، لأن ما تم استخراجه حتى الآن لم يعد ملكًا فرديًا، بل هو جزء من الذاكرة الوطنية والهوية الحضارية لموريتانيا.

ما نخسره بالصمت

ضياع أدلة تاريخية لا تُقدّر بثمن، نتيجة العبث والنبش العشوائي.

فقدان السيطرة على موقع قد يكون مؤهلاً ليُدرج ضمن التراث العالمي لاحقًا.

تشجيع السوق السوداء وفتح الباب أمام تهريب ثرواتنا الثقافية.

تقويض ثقة المواطن بالدولة، حين يراها غائبة في لحظة تستوجب الحضور والمبادرة.

نداء عاجل

نحن لا نطلب المستحيل، بل الحد الأدنى من المسؤولية:
تدخل رسمي سريع،
تقييم علمي لما تم العثور عليه،
إصدار قانون يحمي الموقع،
وتحقيق في ما خرج بالفعل من الأرض وأين ذهب.

إنّ ثروتنا التاريخية ليست مجرد حفريات، بل هي هوية، وذاكرة، ومستقبل،
فإما أن نحافظ عليها بحزم، أو نكون شركاء في ضياعها.

التاريخ لا يُكتب فقط بما نكتشف، بل أيضًا بكيفية تصرفنا حين نكتشفه.

زر الذهاب إلى الأعلى